• لجنة "أوبك": تخمة معروض النفط انتهت

    20/04/2018

     أسامة سليمان من فيينا ووكالات

    قفزت أسعار النفط أمس مسجلة أعلى مستوياتها منذ أواخر 2014 في الوقت الذي انخفضت فيه مخزونات الخام الأمريكية لتتحرك مقتربة من متوسط خمس سنوات، وبعد أن قالت مصادر "إن السعودية، أكبر مصدر للنفط في العالم، تسعى إلى دفع أسعار الخام للارتفاع إلى نحو 100 دولار للبرميل".
    وبحسب "رويترز"، زادت العقود الآجلة لخام القياس العالمي برنت إلى 74.73 دولار للبرميل لتسجل أعلى مستوى منذ 27 تشرين الثاني (نوفمبر) 2014، وهو اليوم الذي قررت فيه "أوبك" ضخ النفط بأكبر قدر تستطيعه للدفاع عن حصتها السوقية ما دفع الأسعار للانخفاض إلى ما يزيد قليلا على 27 دولارا بعد ذلك بعام.
    وبلغت العقود الآجلة لخام برنت 74.62 دولار للبرميل بارتفاع 1.14 دولار مقارنة بالإغلاق السابق، وزادت عقود خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 98 سنتا إلى 69.45 دولار للبرميل. وبلغ الخام الأمريكي 69.56 دولار في وقت سابق وهو أعلى مستوياته منذ 28 تشرين الثاني (نوفمبر).
    وبدأت منظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك" ومنتجون آخرون كبار من بينهم روسيا تقييد الإنتاج في 2017 لكبح فائض المعروض الذي يضغط على الأسعار منذ 2014.
    ومن المقرر أن تجتمع "أوبك" وشركاؤها في جدة اليوم، فيما تجتمع "أوبك" بعد ذلك في 22 حزيران (يونيو) لمراجعة سياستها بشأن إنتاج النفط، وكانت مصادر قد ذكرت أمس الأول أن السعودية سيسرها أن ترى أسعار الخام ترتفع إلى 80 أو حتى 100 دولار للبرميل، ما يُنظر إليه كمؤشر على أنه لا توجد مؤشرات على إدخال تغييرات على اتفاق خفض الإنتاج.
    وأفاد مصدران مطلعان أن لجنة فنية مشتركة بين "أوبك" والمنتجين المستقلين ترى أنه تم التخلص تقريبا من تخمة معروض النفط العالمي، وهو ما يرجع في جانب منه إلى اتفاق خفض الإمدادات الذي تقوده المنظمة الذي بدأ تطبيقه في كانون الثاني (يناير) 2017.
    وذكر أحد المصدرين أن اجتماع اللجنة الفنية المشتركة وجد أن مخزونات النفط في الدول المتقدمة بلغت في آذار (مارس) 12 مليون برميل فوق متوسط خمس سنوات.
    والهدف المعلن لخفض الإمدادات هو تقليص فائض مخزونات النفط إلى متوسط خمس سنوات، لكن عددا من وزراء النفط قالوا "إن هناك مقاييس أخرى يجب أخذها في الاعتبار".
    وأفادت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية أن مخزونات الخام في الولايات المتحدة تراجعت الأسبوع الماضي مع قيام مصافي التكرير بخفض الإنتاج في حين هبطت مخزونات البنزين ونواتج التقطير.
    وتراجعت مخزونات الخام 1.1 مليون برميل على مدى الأسبوع المنتهي في 13 نيسان (أبريل) بينما توقع المحللون انخفاضا قدره 1.4 مليون برميل.
    وتراجع معدل تشغيل مصافي التكرير 1.1 نقطة مئوية، وهبطت مخزونات البنزين ثلاثة ملايين برميل مقارنة بتوقعات المحللين في استطلاع بأن تنخفض 227 ألف برميل.
    وأفادت بيانات إدارة المعلومات بانخفاض مخزونات نواتج التقطير، التي تشمل الديزل وزيت التدفئة، 3.1 مليون برميل مقابل توقعات بأن تتراجع 268 ألف برميل، وهبط صافي واردات الولايات المتحدة من الخام 1.3 مليون برميل يوميا إلى 6.18 مليون برميل يوميا الأسبوع الماضي.
    إلى ذلك، أكدت شركة بريتيش بتروليوم "بي بي" الدولية العملاقة أنه على الرغم من أن مشهد الطاقة ككل في العالم يدل على مرحلة وفرة الطاقة إلا أنه لا تزال هناك مليارات من البشر الذين يعانون فقر الطاقة، فيما يعاني أكثر من مليار شخص حول العالم نقص الكهرباء.
    وقال تقرير حديث للشركة البريطانية "إن معدل استخدام الكهرباء في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى يبلغ 43 في المائة فقط حيث لا يزال معظم الناس في إفريقيا لا يحصلون على الحد الكافي من خدمات الكهرباء".
    وتابع أن "التحدي الأكبر حاليا على مستوى العالم يتمثل في توفير طاقة موثوقة وميسورة التكلفة للعالم بأسره ورفع مستوى المليارات من أصحاب الدخول المنخفضة والقيام بذلك باستخدام طاقة أنظف تدعم أهداف المناخ وفق اتفاق باريس، ولتحقيق هذا التحدي المزدوج فسيتطلب الأمر الاعتماد على الوقود من جميع الأنواع والمصادر المختلفة للطاقة".
    ولفت التقرير إلى أن مصادر الطاقة المتجددة مهمة وسريعة النمو وهي أسرع من أي وقود في التاريخ، ولكن، كما أظهرت التحولات السابقة في مجال الطاقة، فإن الأمر يتطلب بعض الوقت لتحقيق تقدم جيد في هذا الصدد.
    وشدد التقرير على وجود دور مستمر وقوي للنفط الخام حيث تجري جهود قوية لتحسين أساليب الاستخدام بالاعتماد على مستويات متنامية من الكفاءة، لافتا إلى وجود دور متزايد أيضا للغاز الذي يمكن حرقه بكميات معقولة وبصورة أنظف وبالتالي تقليل الانبعاثات على نطاق واسع عند إحلاله محل الفحم في توليد الطاقة.
    إلى ذلك، أوضح لـ "الاقتصادية"، دان بوسكا كبير الباحثين في بنك "يوني كريديت" البريطاني، أن أسعار النفط الخام تسير بخطى ثابتة وقوية نحو مواصلة الارتفاعات متلقية الدعم الأكبر من جهود "أوبك" وعلى رأسها السعودية في تحفيز الأسعار، ما جعل كثيرين يراهنون على احتمال عودة أسعار النفط الخام إلى مستوى مائة دولار للبرميل.
    ويتوقع بوسكا أن يؤكد اجتماع جدة – على الأرجح – تمسك المنتجين بالاستمرار في تطبيق تخفيضات الإنتاج إلى حين استنزاف كامل فائض المخزونات وتجاوز ذلك إلى سوق مزدهرة ومستقرة للنفط الخام بعد تدشين شراكة استراتيجية طويلة المدى بين المنتجين في "أوبك" وخارجها بقيادة السعودية وروسيا اللتين حققتا في الآونة الأخيرة قدرا هائلا من التناغم والتنسيق في السياسات النفطية.
    من جانبه، يقول لـ "الاقتصادية"، ديفيد ليديسما المحلل في شركة "ساوث كورت" لاستشارات الطاقة، "إن الانخفاضات الحادة في إنتاج فنزويلا التي وصلت إلى مرحلة حرجة وخطيرة قلصت كثيرا من المعروض النفطي خاصة أنها جاءت بالتزامن مع تخفيضات طوعية واختيارية قامت بها السعودية لاستعادة التوازن في السوق وتصحيح علاقة العرض والطلب".
    ونوه ليديسما إلى أن الطرح المرتقب لشركة "أرامكو" السعودية يجيء في أجواء إيجابية جدا في السوق وفي ظل مستويات سعرية جيدة ما سيحفز المستثمرين الدوليين على التسابق للمشاركة في هذا الطرح الضخم غير المسبوق وهو الأضخم في تاريخ أسواق المال.
    من ناحيته، أوضح لـ "الاقتصادية"، أندرو موريس مدير شركة "بويري" للاستشارات الإدارية، أن تعافي أسعار النفط الخام في مصلحة الاقتصاد العالمي وفي مصلحة المنتجين أيضا، إذ سيعزز الاستثمارات ويدفع جهود التنمية وهو أمر تشترك فيه كل الدول المنتجة والمستهلكة، مشيرا إلى أن ارتفاع الأسعار لن يحول دون المضي قدما في خطط التنوع الاقتصادي وزيادة الاعتماد على موارد الطاقة المختلفة.
    وأضاف موريس أن "النفط الصخري الأمريكي حقق بالفعل مكاسب واسعة من انتعاش أسعار النفط لكنه يواجه صعوبات في التوسع متعلقة بالبنية الأساسية وحدوث اختناقات في خطوط الأنابيب"، لافتا إلى أن "أوبك" تعى جيدا أن الأسعار شديدة الارتفاع ليست في مصلحتها لأنها تضعف الطلب وتسرع وتيرة التحول إلى موارد الطاقة الأخرى خاصة السيارات الكهربائية كبديل عن السيارة التقليدية، متوقعا أن يركز اجتماع جدة والاجتماعات اللاحقة على تجنب إفراط الأسعار في الارتفاع وضمان تحقيق سوق مستقرة.

حقوق التأليف والنشر © غرفة الشرقية